الارشيف / اقتصاد / العين الاخبارية

أزمة المناخ.. هل تنجح جهود الدول الغنية في إنقاذ البلدان الفقيرة؟

تشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2030، يمكن أن يدفع تغير المناخ أكثر من 120 مليون شخص إلى براثن الفقر.

في جميع أنحاء العالم، يعاني الأفراد من الآثار الدقيقة والصارخة لتغير المناخ؛ حيث إن التغير التدريجي في أنماط الطقس، وارتفاع مستوى سطح البحر، والمزيد من الظواهر المناخية المتطرفة هي أدلة دامغة على التغير السريع في المناخ والحاجة المُلحة لإيجاد حلول، لهذا السبب تقود البلدان الغنية العمل في جميع أنحاء العالم؛ لمساعدة البلدان الفقيرة في التكيف مع آثار تغير المناخ ودعم الاحتياجات الأساسية للأفراد.

تداعيات أزمة المناخ على البلدان الفقيرة

بينما يشعر الجميع بآثار تغير المناخ؛ تُعد الدول النامية، خاصة في أفريقيا، هي الأكثر تضررًا من تداعيات تغيّر المناخ؛ ما يعني أن تعزيز التمويل لمساعدة القارة على التكيف مع الضرر المتزايد أمر بالغ الأهمية. هذا، فضلاً أيضًا عن تأثر نحو 2.5 مليار مزارع -الذين يعتمدون على المناخ والموارد الطبيعية في الغذاء والدخل- من أصحاب الحيازات الصغيرة في العالم، والرعاة ومصايد الأسماك من جراء أزمات تغير المناخ.

وفي هذا الإطار، أفاد البنك الدولي أن عُشر الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم تنبعث من 74 دولة ذات دخل منخفض، لكنها ستكون الأكثر تأثرًا بآثار تغير المناخ. بالمقارنة مع الثمانينيات، فقد شهدوا بالفعل ما يقرب من ثمانية أضعاف الكوارث الطبيعية في السنوات العشر الماضية. هذا، وتُشير الأبحاث التي أجراها صندوق النقد الدولي، إلى أن تكاليف التكيف مع المناخ، ستصل إلى حوالي 0.25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي سنويًا في العقود القادمة. في حين أن مثل هذه التقديرات يمكن أن تبدو قابلة للإدارة على المستوى العالمي، إلا أنها لا تمثل حجم التحدي الذي يواجهه العديد من البلدان الفقيرة والضعيفة.

هذا، ويُقدر الصندوق أن الاحتياجات السنوية تتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي في حوالي 50 من الاقتصادات منخفضة الدخل والبلدان النامية على مدى السنوات العشر القادمة. كما يمكن أن تكون التكاليف أكبر بالنسبة للدول الجزرية الصغيرة المُعرضة للأعاصير المدارية وارتفاع منسوب البحار، بنسبة تصل إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تُشير التقديرات، إلى أنه بحلول عام 2050، قد يجبر تغير المناخ غير المقيد أكثر من 200 مليون شخص على الهجرة داخل بلدانهم، مما يدفع ما يصل إلى 130 مليون شخص إلى الفقر ويفكك عقودًا من الإنجازات الإنمائية التي تحققت بشق الأنفس.

الجهود المبذولة لدعم الدول الفقيرة

تركز مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة بما في ذلك حكومات الدول والقطاع الخاص والمؤسسات متعددة الأطراف والمنظمات غير الحكومية الدولية على معالجة آثار تغير المناخ في العالم النامي.

أولاً: جهود حكومات الدول

تعهدت العديد من الدول في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27 عام 2022، بتقديم تمويلات مالية كبيرة لصالح مشروعات وصناديق التمويل المتعلقة بالمناخ؛ لمساعدة الدول الفقيرة على تفادي آثار تغير المناخ، فعلى سبيل المثال، نجد مبادرة "الدرع الواقية العالمية"، وهي مبادرة ألمانية تستهدف وصول أموال التعويضات الناجمة عن خسائر المناخ بشكل آمن وسريع إلى البلدان المتضررة من الكوارث المناخية المتلاحقة. وقد تم إطلاق المبادرة رسميًا من قبل مجموعة الدول الصناعية الكبرى G7 ومجموعة V20 المكونة من 58 دولة معرضة للتغير المناخي، لدعم تمويل بند الخسائر والأضرار، وقد تم تخصيص نحو 172 مليون دولار لمبادرة تأمين الدرع العالمية لمساعدة البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل على الصمود في حالة الكوارث المناخية، وإعطاء الأولوية من الدرع لعدة دول أهمها غانا وباكستان وبنغلاديش والسنغال والفلبين وفيجي وكوستاريكا؛ وذلك لما تتعرض له هذه الدول من تأثيرات مناخية كارثية.

وستسهم فرنسا بمبلغ 20 مليون دولار في شكل إعانات للدرع العالمية ضد مخاطر المناخ. وستساهم ألمانيا وكندا والدنمارك والولايات المتحدة وفرنسا وأيرلندا بمبلغ إجمالي قدره 210 ملايين دولار، ومن ثم ستمكن تلك الدرع العالمية من تعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الصمود ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ومن جانبها فرنسا، أعلنت عن استثمار مليار يورو لدعم تركيز أفريقيا على المتجددة والابتعاد عن استخدام الفحم، حيث صرح ماكرون: "يجب أن نبرهن على أن الدول الأفقر هي الحل لمواجهة التغير المناخي لأن بيدها المحافظة على التنوع الحيوي".

كما تعهدت المملكة المتحدة بمضاعفة تمويلها لثلاثة أضعاف للتصدي للتغير المناخي، ليرتفع من 500 مليون جنيه إسترليني في عام 2019 إلى 1.5 مليار جنيه استرليني في عام 2025، كما تعهد ريشي سوناك، بتقديم دعم جديد للدول النامية للتعامل مع تغير المناخ، ومنها مجموعة من الاستثمارات تزيد قيمتها عن 115 مليون دولار، لدعم الاقتصادات النامية للاستجابة للكوارث المتعلقة بالمناخ. كما تعهد "فوميو كيشيدا" رئيس وزراء ، بتقديم تمويل إضافي يصل إلى 10 مليارات دولار إلى الدول النامية لمواجهة تغيّر المناخ.

وعلى صعيد آخر، تعهد الرئيس ، "جو "، بمضاعفة تمويل صندوق المناخ إلى 11 مليار دولار، كما أطلق مبادرة “تمويل المناخ+؛ لتسريع استخدام آليات التمويل المبتكرة التي تهدف إلى الاستفادة من المليارات في الاستثمارات العامة والخاصة الجديدة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بهدف تحفيز الاستثمار على النطاق المطلوب لمعالجة أزمة المناخ، بما في ذلك إطلاق مناهج جديدة ومبتكرة تستخدم التمويل العام بشكل استراتيجي لإطلاق المليارات من الاستثمارات الخاصة؛ لدعم البلدان النامية في إصدار السندات الخضراء، وإطلاق التحالف المصرفي المستدام لتعميق الأسواق المالية المستدامة للبلدان النامية، والقيام باستثمارات استراتيجية تساعد على تعبئة المليارات في التمويل الخاص وتسهيل تصدير التقنيات النظيفة الأمريكية.

ثانيًّا: جهود المؤسسات متعددة الأطراف والمنظمات غير الحكومية

- تأسس صندوق المناخ الأخضر في عام 2010، كشراكة بين أكثر من 190 دولة تسعى لمساعدة البلدان النامية على الاستجابة لتغير المناخ، باستخدام الاستثمار العام لتحفيز التمويل الخاص. وفي ضوء ذلك، جمع الصندوق أكثر من 10 مليارات دولار منذ عام 2014، ووجه الموارد لمشروعات مخصصة لكل من التخفيف والتكيف، كما ساعد الصندوق في دعم لما يقدر بنحو 350 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. ومن جانبه، صرح المبعوث الخاص للمناخ جون كيري مؤخرًا أن الولايات المتحدة ستعيد التزامها للصندوق كجزء من الجهود المتجددة لدعم تمويل المناخ العالمي.

- أصدر أكثر من 50 من قادة الأعمال العالمية - يمثلون الشركات التي حققت أكثر من 1.3 تريليون دولار من العائدات في عام 2017- بيانًا في عام 2018 تعهدوا فيه بالتزامهم المستمر بالتصدي لتغير المناخ، واصفين ذلك بأنه 'تهديد كبير لبيئتنا ومجتمعاتنا واقتصادنا.

- تشارك المئات من المنظمات غير الحكومية في شراكات بين القطاعين العام والخاص لمكافحة التأثير غير المتناسب لتغير المناخ على أكثر الفئات ضعفاً في العالم. وهذا يشمل مجموعات مثلCARE، التي سلطت الضوء على تأثير تغير المناخ على صغار المزارعين -نصفهم تقريبًا من النساء- وساعدت على تغيير القوانين التي تحد من ملكية النساء للأراضي والممتلكات التي يمكن أن تمنعهن من التمكن لإطعام أسرهم في مواجهة موجات الجفاف المتكررة.

- تقدم مؤسسة بيل غيتس وميليندا منحًا لمعالجة آثار وتأثيرات تغير المناخ، ويشمل ذلك الجهود المبذولة لتحسين الإنتاجية الزراعية في مواجهة حالات الجفاف والفيضانات الشديدة، مثل أنظمة البذور وتحسين الأصناف (SSAVI) التي تساعد المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة على تنويع أنواع محاصيلهم وإنشاء أنظمة بيئية زراعية أكثر استدامة.

- أطلقت مؤسسة روكفلر مبادرة جديدة خاصة بالمناخ والقدرة على الصمود للتركيز على فرص تغيير السوق التي تزيد من تدفقات رؤوس الأموال المتعلقة بالمناخ والقدرة على الصمود، بناءً على عمل مبادرة 100 مدينة مرنة، نصفها يقع في العالم النامي.

على صعيد أكثر تطورًا

أعلنت مؤسسة بلومبرغ الخيرية والوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) عن شراكة جديدة لمؤتمر الأطراف COP28 لتفعيل نشر الطاقة النظيفة وتعبئة رأس المال في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.

فقبل مؤتمر COP28 والتقييم العالمي الهام - تقييم المساهمات الوطنية والتقدم المحرز في تحقيق أهداف اتفاقية باريس - سيمكن دعم بلومبرغ للأعمال الخيرية إيرينا؛ من دعم الجهود المبذولة لدفع التبني الواسع للطاقة المتجددة وتقليل الحواجز السياسية والفنية والمالية التي تحول دون ذلك. انتقال الطاقة عن طريق:

- بناء القدرات في جنوب شرق آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية؛ حيث تعمل IRENA على تصميم مبادرات الطاقة المتجددة المصممة خصيصًا والقابلة للتطوير من خلال الدعم الفني، وحلول التمويل من أجل تسريع إزالة الكربون وتعزيز المرونة في مواجهة تغير المناخ من أجل الحياة وسبل العيش.

- تعزيز منصة تمويل مسرع انتقال الطاقة (ETAF) -منصة تمويل المناخ العالمية التابعة لـ IRENA- والتي تهدف إلى تعبئة رأس المال لتوسيع نطاق تقنيات التحول إلى الطاقة القائمة على الطاقة المتجددة في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية (EMDEs) بحلول عام 2030 - وتوسيع نطاق عمل الجدوى الفنية والمالية اللازمة لتقديم مجموعة قوية من المشاريع المحتملة.

- تسهيل تعبئة رأس المال الخاص: في الفترة التي تسبق مؤتمر COP28 - بالشراكة مع تحالف غلاسكو المالي من أجل Net Zero (GFANZ) - ستعمل Bloomberg Philanthropies وIRENA معًا لتحقيق هدف تقديم مشاريع تحويل الطاقة القابلة للاستثمار بسهولة إلى المؤسسات المالية التي التزمت باستراتيجية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية والسعي إلى زيادة الاستثمارات في الحلول المناخية في البلدان النامية.

هذا، ويُعُّد الإمداد القوي لمشروعات الطاقة المتجددة القابلة للتمويل أحد العوائق الرئيسة أمام زيادة تمويل الطاقة النظيفة -خاصة في بلدان الأسواق الناشئة والبلدان النامية.

وفقًا لـ IRENA، بلغ الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة 0.5 تريليون دولار أمريكي في عام 2022؛ ومع ذلك، فإن هذا يُمثل أقل من ثلث متوسط الاستثمارات السنوية اللازمة حتى عام 2030 لتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050. لتسريع خط أنابيب مشاريع الطاقة المتجددة، ستقلل الشراكة الجديدة بين بلومبرغ والوكالة الدولية للطاقة المتجددة من المخاطر على المطورين والمستثمرين المحتملين من خلال توفير خبرة فنية ومالية قوية للمشاريع المؤهلة التي تلبي العوامل البيئية والاجتماعية والتنظيمية والاقتصادية والاستعداد للتنفيذ.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة العين الاخبارية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من العين الاخبارية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا